بقلم: منى قشطة

أصدر معهد الاقتصاد والسلام الدولي النسخة العاشرة من مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023، وهو تقرير سنوي يقدم ملخصًا شاملًا للاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسة لظاهرة الإرهاب، ويحلل عدد من الجوانب الحيوية المرتبطة بها مثل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تحدث فيها، وكيف يتغير الإرهاب بمرور الوقت، والدوافع الجيوسياسية والأهداف الأيديولوجية للجماعات الإرهابية والاستراتيجيات التي يستخدمها الإرهابيون.

اتجاهات الإرهاب العالمي (2007-2022)

تركّزت معظم الأنشطة الإرهابية على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية في العراق وأفغانستان ردًا على أنشطة الولايات المتحدة وحلفائها، وعلى إثر ذلك انتقلت عدوى النشاط الإرهابي أيضًا إلى باكستان التي سجّلت نشاطًا إرهابيًا متزايدًا بين عامي 2008 و2013. وبعد أحداث الربيع العربي وظهور تنظيم داعش كان هناك تصاعدًا في الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، وعلى الأخص في سوريا والعراق، وفي الوقت نفسه في نيجيريا التي شهدت مقتل أكثر من 10000 شخص جراء الهجمات الإرهابية خلال عام 2015. وكذا شهدت منطقة الساحل أيضًا زيادة كبيرة في عدد الهجمات الإرهابية والقتلى على مدى السنوات الخمس الماضية. وهو ما يتضح في الشكل التالي:

undefined

ويرصد التقرير أبرز الملامح والمظاهر والاتجاهات المرتبطة بالنشاط الإرهابي خلال الفترة من 2007 وحتى عام 2022، ويمكن استعراضها فيما يلي:

  • انخفاض الوفيات الناجمة عن الإرهاب: بشكل عام، انخفضت الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 38% منذ الذروة في عام 2015، وسجل العراق ونيجيريا أكبر انخفاضًا؛ حيث بلغت الوفيات في نيجيريا ذروتها في عام 2014 عند 2101 حالة وفاة قبل أن تنخفض في خمس من السنوات التسع اللاحقة، لتسجل 865 حالة وفاة في عام 2020، وتنخفض بنسبة 43% في عام 2021 و35% في عام 2022. لكن على الرغم من هذه التحسينات، لا تزال نيجيريا تواجه تهديدًا كبيرًا تمثله الجماعات المتطرفة المسلحة مثل بوكو حرام وداعش غرب إفريقيا. وبالمثل، انخفضت الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العراق بشكل كبير بنسبة 68% منذ ذروتها في عام 2016. وهو أكبر انخفاض سجّله مؤشر الإرهاب العالمي، حيث أدت تهدئة الحرب الأهلية السورية، وانهيار تنظيم داعش، وزيادة تنسيق مكافحة الإرهاب على المستويين الحكومي والدولي، إلى الحد من تأثير الإرهاب على الصعيد العالمي. كذلك سجل انخفاضين ملحوظين آخرين في وفيات الإرهاب في أفغانستان واليمن منذ عام 2007. وعلى الرغم من انخفاض الوفيات الناجمة عن الإرهاب في السنوات الخمس الماضية، إلا أن الانخفاضات كانت ضئيلة بين عامي 2018 و2021، مع بقاء عدد الوفيات ثابتًا. ومع ذلك، خلال العام الماضي، انخفضت الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 9%، إلى أدنى مستوى تم تسجيله منذ ما قبل عام 2017.

  • تمدد النشاط الإرهابي في إفريقيا: مع انحسار الصراع في سوريا، حوّل تنظيم داعش والجماعات التابعة له تركيزهم إلى إفريقيا جنوب الصحراء، وبشكل أكثر تحديدًا في بلدان الساحل مثل بوركينا فاسو ومالي ونيجيريا والنيجر والكاميرون. حيث أصبحت منطقة الساحل عنيفة بشكل متزايد وازدادت الوفيات بها بأكثر من 21 مرة بين عامي 2007 و2022. وسجلت بوركينا فاسو ومالي ونيجيريا أكبر زيادات بلغت 1135و942 و356 حالة وفاة على التوالي في عام 2022 مقارنة بعام 2007. وقد شكّلت الوفيات الناجمة عن الإرهاب في دول الساحل 43% من إجمالي وفيات الإرهاب على مستوى العالم، مقارنة بنسبة 1% فقط عام 2007. ويبين الشكل التالي تحول الإرهاب بعيدًا عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باتجاه منطقة الساحل، وبشكل أكثر تحديدًا، الحدود الثلاثية (المنطقة الواقعة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو):

undefined

  • زيادة التهديد الإرهابي في مناطق الصراع: كان الصراع هو المحرك الرئيس للإرهاب منذ عام 2007؛ فمن بين 137009 حالة وفاة مرتبطة بالإرهاب بين عامي 2007 و2022، حدث 132863 منها في بلدان متورطة في نزاع. وفي عام 2022، صنف المؤشر الـ 16دولة الأكثر تضررًا من الإرهاب على أنها دول نزاع. ويجادل التقرير بأن الدول المتورطة في الصراع أكثر عرضة للإرهاب، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود مؤسسات للدولة تعمل بشكل كامل، بالإضافة إلى أن الإرهاب هو أيضًا أحد التكتيكات العديدة التي يستخدمها المتمردون والقوات شبه العسكرية في الصراع الأهلي. على سبيل المثال، تقوم الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش وبوكو حرام بتنفيذ هجمات عسكرية تقليدية في سياق النزاع الجهادي بين الجماعتين، إلى جانب ممارستهما لنشاطها الإرهابي واسع النطاق. كذلك لفت التقرير إلى أن الهجمات الإرهابية التي وقعت في البلدان التي تشهد نزاعات كانت أكثر فتكًا في المتوسط من الهجمات التي وقعت في البلدان غير المتنازعة، وهو ما يتضح في الشكل التالي:

undefined

النشاط الإرهابي في الغرب (أوروبا الغربية – أمريكا الشمالية – أوقيانوسيا)

لا يمثل الإرهاب في الغرب سوى جزء صغير من الإرهاب الكلي في العالم؛ فمن بين 137009 حالة وفاة ناجمة عن الإرهاب على مستوى العالم بين عامي 2007 و2022، حدث 885 منها في الغرب، بما يمثل 0.65% من إجمالي الوفيات. وذكر التقرير ثلاثة أنماط للنشاط الإرهابي الذي شهدته الدول الغربية، هم:

الإرهاب الديني: كان الإرهاب الديني هو الشكل الأكثر فتكًا للإرهاب في الغرب خلال العقد الماضي، وكانت الجماعات الإرهابية الإسلاموية، أو الذئاب المنفردة المستوحاة من الجماعات الجهادية، مسؤولة عن 484 حالة وفاة بسبب الإرهاب في الغرب منذ عام 2007. وقد حدثت الزيادة الملحوظة في الإرهاب الإسلاموي في الغرب بين عامي 2015 و2017، مع وقوع 65 هجومًا و402 حالة وفاة خلال هذه الفترة، في 12 دولة بالتزامن مع صعود تنظم داعش. وقد ارتكبت الجماعات الدينية في الغرب 3 هجمات عام 2022 أسفرت عن سقوط 3 قتلى، ويمثل هذا زيادة طفيفة في الوفيات مقارنة بعام 2021 الذي سجل 3 هجمات وحالتي وفاة.

الإرهاب القومي/ الانفصالي: قبل عام 2015، كان الإرهاب القومي أو الانفصالي هو الشكل الأكثر شيوعًا للإرهاب في الغرب، وبعد ذلك تغلّب عليه الإرهاب الديني والأيديولوجي. ففي ذروة النشاط الإرهابي عام 2017، كان هناك 62 هجومًا من قبل الجماعات الانفصالية أسفرت عن وفاة واحدة. وقد بلغت الوفيات المنسوبة إلى الجماعات الانفصالية ذروتها في عام 2009 عند 6 وفيات، في حين لم تسجل أكثر من 3 قتلى خلال العقد الماضي. وفي عام 2022، نسبت 8 هجمات إلى جماعات إرهابية انفصالية ولم تسفر عن سقوط قتلى.

وقد شهدت كلا من المملكة المتحدة وإسبانيا وفرنسا أعلى مستويات الإرهاب الانفصالي في الغرب، حيث سجلت 218 و67 و56 هجومًا على الترتيب منذ عام 2007. وسجلت بريطانيا أعلى معدلًا للقتلى بلغ 10 وفيات نتيجة الهجمات الانفصالية خلال هذه الفترة، مقارنة بـ 7 وفيات في إسبانيا و2 فقط في فرنسا. وكانت المجموعة الانفصالية الأكثر نشاطًا وفتكًا في الغرب هي جماعة إيتا الانفصالية في إقليم الباسك (ETA)، التي كانت مسؤولة عن 70 هجومًا وثماني قتلى منذ عام 2007. ومع ذلك، انخفضت أنشطة المجموعة بشكل كبير إلى هجومين فقط بعد إعلان وقف إطلاق النار عام 2010. وقد سجل الجيش الجمهوري الأيرلندي والجماعات المنشقة عنه، والمتمركزة في المملكة المتحدة وأيرلندا، ثاني أكبر عدد من الهجمات بواقع 62 هجومًا منذ عام 2007. وتبع ذلك جبهة التحرير الوطني الكورسيكية في فرنسا، التي كانت مسؤولة عن 37 هجومًا.

الإرهاب الأيديولوجي: يمكن تقسيم الإرهاب الأيديولوجي في الغرب إلى أيديولوجيتين فرعيتين، هما: إرهاب اليسار المتطرف وإرهاب اليمين المتطرف. وقد شهد الإرهاب الأيديولوجي انخفاضًا كبيرًا عام 2022، حيث انخفض عدد الهجمات بنسبة 60% إلى 15 هجومًا، وهذا هو أقل عدد من الهجمات ذات الدوافع الأيديولوجية منذ عام 2015. ومع ذلك، فقد عادت الوفيات على أيدي الجماعات ذات الدوافع الأيديولوجية إلى مستويات ما قبل عام 2021؛ مع تسجيل 14 حالة وفاة عام 2022، ارتفاعًا من اثنين عام 2021، ونسبت جميع الوفيات الـ 14 إلى أفراد لديهم آراء يمينية متطرفة. ووقع الهجوم الأكثر دموية في الولايات المتحدة، عندما قتل مسلح يمتلك وجهات نظر يمينية متطرفة 10 مدنيين في سوبر ماركت في بوفالو بنيويورك.

وقد شهدت 7 دول حالة واحدة على الأقل من الإرهاب الأيديولوجي عام 2022، هي: الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والسويد وبلجيكا والمملكة المتحدة. وأشار التقرير إلى أن معظم الهجمات التي تحركها أيديولوجية يسارية أو يمينية يرتكبها أفراد أو مجموعات ليس لها انتماء رسمي إلى منظمة معترف بها، ويوضح الشكل التالي أنه من بين 399 هجومًا في الغرب من مجموعات اليمين المتطرف واليسار المتطرف، تم ارتكاب 93% من دون انتماء رسمي، ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن أي هجوم ذي دوافع أيديولوجية عام 2022.

undefined

الإرهاب والتهديدات البيئية

العلاقة بين الإرهاب والتهديدات البيئية لم يتم استكشافها إلى حد كبير، لكن من المُسلم به أن هناك علاقة بين التهديدات البيئية وتغير المناخ والسلام. ورغم أن هذه التهديدات ليست السبب الوحيد للإرهاب، إلا أنها تشكل تهديدًا مضاعفًا، وقادرة على زعزعة استقرار المجتمع والتفاعل مع المخاطر الأخرى القائمة بما يزيد من الضغوط المفروضة على الدولة ويخلق بيئة هشّة يمكن للجماعات الإرهابية أن تستغلها وتزدهر فيها. على سبيل المثال، يعمل انعدام الأمن الغذائي على أنه نتيجة ومحرك لعدم الاستقرار على حد سواء، حيث يؤثر بشكل كبير على الصحة ومستويات المعيشة ويفرض تحديات على الاستقرار السياسي للدولة، وهو ما تستثمره التنظيمات الإرهابية في تأليب المواطنين ضد الحكومة وتحويل شكواهم إلى أعمال عنف، فمن بين 830 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم، يعيش 58% في البلدان العشرين الأكثر تضررًا من الإرهاب.

وبالمثل، تمثل ندرة الموارد المائية عاملًا مفاقمًا للظاهرة الإرهابية، حيث ازدادت حوادث المياه وحدها في المتوسط ثلاث مرات بين عامي 2000 و2022، على سبيل المثال شهد العراق أكبر عدد من النزاعات التاريخية على المياه، يليه الصومال واليمن والسودان، والتي واجهت جميعها مستويات كبيرة من الإرهاب على مدى العقدين الماضيين؛ كذلك كانت البنية التحتية للمياه ضمن بنك أهداف التنظيمات الإرهابية، ومن ذلك قيام العناصر الإرهابية بقصف خط أنابيب المياه الرئيسي في بغداد عام 2003. في حين دمرت حركة طالبان في عام 2017 سد شوراباك في مقاطعة قندهار في أفغانستان، مما أدى إلى إغراق الأراضي الزراعية في البلاد.

اتجاهات النشاط الإرهابي في مناطق العالم المختلفة

وفقًا للتقرير، انخفض تأثير الإرهاب في سبع مناطق من تسع مناطق عام 2022. وحدث أكبر تحسنًا في أمريكا الشمالية، حيث لم تسجل كندا أي هجمات أو وفيات لأول مرة منذ عام 2013، وتبعتها أمريكا الجنوبية وجنوب آسيا، مسجلًة انخفاض بنسبة 69% و30% من الوفيات على الترتيب. ويوضح الجدول التالي مناطق العالم حسب متوسط درجاتها في مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022، بالإضافة إلى التغييرات في النتيجة عن العام السابق.

undefined

ولا تزل منطقة جنوب آسيا هي المنطقة الأكثر تأثرًا بالإرهاب على مستوى العالم، وهو منصب احتلته منذ عام 2007. وظلت أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي المنطقة الأقل تأثرًا بالإرهاب عام 2022 للعام العاشر على التوالي. حيث تم تسجيل ما مجموعه 33 حالة وفاة بسبب الإرهاب في أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي منذ عام 2007، 24 % منها حدثت عام 2009. ولم تسجل المنطقة أي هجوم منذ عام 2019 ولم تسجل أي وفيات بسبب الإرهاب منذ عام 2018. لكن على الرغم من أن المنطقة سجلت أقل خسائر في الأرواح من الإرهاب، إلا أنها عانت بشكل كبير من أشكال أخرى من الصراع العنيف، وأبرزها زيادة في جرائم القتل المرتبطة بالجريمة المنظمة والعنف المرتبط بالمخدرات.

وبين عامي 2007 و2022، تم تسجيل أكبر عدد من الوفيات الناجمة عن الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث بلغ أكثر من 51500 حالة وفاة. ورغم ذلك سجلت المنطقة انخفاضًا كبيرًا في السنوات الخمس الفائتة؛ وانخفضت الوفيات بنسبة 32% منذ عام 2021، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2007. وقد سجلت جنوب آسيا أكثر من 39000 حالة وفاة خلال نفس الفترة، مع حدوث 35200 حالة أخرى في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والتي شهدت أكثر الهجمات الإرهابية فتكًا، حيث قتل في المتوسط ثلاثة أشخاص في كل هجوم. ويوضح الشكل التالي إجمالي الوفيات والهجمات لجميع المناطق من 2007 إلى 2022:

undefined

وعلى المستوى التكتيكي، اختلفت الأساليب والتكتيكات التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية من منطقة إلى أخرى.  وكان القصف بالقنابل والمتفجرات هو التكتيك الأكثر شيوعًا على مستوى العالم، شكلت هذه الهجمات 67% من جميع الهجمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ عام 2007. وكانت أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا الشمالية هما المنطقتان الوحيدتان اللتان كانت فيهما الأسلحة النارية هي التكتيكات المستخدمة الأكثر شيوعًا، حيث شكلت 52% و30%من الهجمات على التوالي. ويوضح الشكل التالي التكتيكات الأكثر شيوعًا في كل منطقة:

undefined

  • آسيا والمحيط الهادئ: تحسنت ثمانية بلدان في آسيا والمحيط الهادئ عام 2022، بينما تدهورت ثلاثة بلدان. وكانت ميانمار واليابان وإندونيسيا هي الدول الوحيدة في المنطقة التي سجلت تدهورًا في تأثير الإرهاب خلال العام الماضي. وبشكل عام، تحسنت المنطقة بنسبة 9 %خلال العام الماضي، ووصل متوسط تأثير الإرهاب في المنطقة الآن إلى أدنى مستوى له منذ عام 2013.
    وكانت ميانمار الدولة الأكثر تأثرًا بالإرهاب في المنطقة للعام الثاني على التوالي، حيث سجلت 755 هجومًا و415 حالة وفاة عام 2022. ويمثل هذا انخفاضًا بنسبة 6% في الهجمات و27% في الوفيات مقارنة بعام 2021. وعلى الرغم من بقائها ثاني أكثر البلدان تأثرًا في المنطقة، سجلت الفلبين أدنى مستوى من الإرهاب بواقع 20 هجومًا و18 حالة وفاة عام 2022، بانخفاض 68 و65%على التوالي مقارنة بالعام السابق.
    ووفقًا للتقرير، سجّلت الصين أكبر تحسنًا في المنطقة عام 2022، تليها أستراليا ونيوزيلندا؛ حيث لم تسجل الصين أي هجوم أو وفاة واحدة خلال خمس سنوات، ولم تسجل كمبوديا ولاوس وسنغافورة ومنغوليا وكوريا الشمالية وبابوا غينيا الجديدة وكوريا الجنوبية وتايوان وتيمور الشرقية أي حادث إرهابي منذ عام 2017.

  • أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي: لم يتدهور أي بلد في المنطقة، حيث سجلت 11 دولة من أصل 12 درجة صفر في مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023 مما يعني أنها لم تشهد حادثًا إرهابيًا واحدًا خلال خمس سنوات. وعلى مدى العقد الماضي، سجلت 7 دول من أصل 12 دولة في المنطقة تحسنًا في درجاتها المؤشر، حيث لم تسجل الدول الخمس المتبقية أي تغيير أو نشاط إرهابي.
    ووفقًا للتقرير، سجلت المكسيك تحسنًا عامًا في مجموع نقاطها في المؤشر خلال العام الماضي، حيث انتقلت من المركز 60 في عام 2021 إلى المركز 72 في عام 2022، وهذا هو أكبر تحسن شهدته البلاد منذ عام 2015 وكان مدفوعًا بعدم تسجيلها لأي هجوم إرهابي منذ عام 2019. ويغلب على الإرهاب في المكسيك دوافع سياسية؛ إذ لا يزال العنف ضد السياسيين والصحفيين يهدد البلاد، مع ارتكاب العديد من الاغتيالات، حيث قتل ما لا يقل عن 13 صحفيًا خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022، وهو أعلى رقم على الإطلاق وثقته لجنة حماية الصحفيين في المكسيك خلال عام واحد، ولا تزال معدلات جرائم القتل في البلاد من بين أعلى المعدلات في العالم، حيث قتل أكثر من 26000 مكسيكي في الأشهر العشرة الأولى من عام 2022، وهو ما يسلط الضوء على زيادة مستويات العنف في البلاد.

  • أوروبا: سجّلت أوروبا 27 حالة وفاة بسبب الإرهاب عام 2022، تمت 17 حالة منها في تركيا، حيث لاتزال الأخيرة هي الدولة الأكثر تضررًا في أوروبا، إذ ارتفعت الوفيات بسبب الإرهاب في البلاد من 6 وفيات في عام 2021 إلى 17 في عام 2022، وكان حزب العمال الكردستاني (PKK) مسؤولًا عن 10 هجمات و17 حالة وفاة في تركيا في العام الماضي. ولا تزل اليونان تحتل المرتبة الثانية بين الدول الأكثر تضررًا في أوروبا، حيث سجلت البلاد 35 هجومًا في عام 2022، بانخفاض قدره 34% من 53 هجومًا في عام 2021. وبينما سجلت اليونان أكبر عدد من الهجمات الإرهابية في أوروبا عام 2022، إلا أنها لم تشهد حالة وفاة واحدة مرتبطة بالإرهاب منذ عام 2013. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن أي هجوم في اليونان هذا العام، حيث نسبت جميع الهجمات الـ 35 إلى مجموعات يسارية متطرفة أو جماعات فوضوية غير معروفة، واستهدفت معظمها الشرطة والسجون والمؤسسات والشخصيات الحكومية والسياسية.
    ووفقًا للتقرير، سجلت فرنسا ثالث أكبر عدد من الهجمات الإرهابية في المنطقة عام 2022، بعد اليونان وتركيا؛ حيث شهدت البلاد أول زيادة في الهجمات الإرهابية والوفيات منذ عام 2017، من 7 هجمات ووفاة واحدة عام 2021 إلى 9 هجمات وأربع وفيات عام 2022. وقد وقع الهجوم الأكثر دموية في البلاد خلال العام الماضي عندما قتل مسلح 3 مدنيين في هجوم على مركز ثقافي كردي في باريس، ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم، لكن وسائل إعلام محلية قالت إن المسلح كان يحمل معتقدات يمينية متطرفة وكراهية للمهاجرين.

  • الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: سجّلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحسنًا عامًا بنسبة 6% في درجتها عام 2022؛ إذ كانت المنطقة مسؤولة عن 11% فقط من إجمالي الوفيات. وكان أكبر تحسن في عدد القتلى العام الماضي في العراق، 13% عن عام 2021. وكان الدافع الرئيس لهذه التحسينات هو انخفاض الهجمات المسلحة التي انخفضت بنسبة 36%. لكن على الرغم من هذا الانخفاض في الوفيات، فإن العراق هو ثاني أكثر البلدان تأثرًا بالإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والسابع عالميًا. وفي سوريا انخفضت الهجمات الإرهابية خلال العام الماضي إلى النصف من 354 عام 2021 إلى 197 عام 2022، بينما ظلت الوفيات الإرهابية ثابتة نسبيًا، حيث سجلت 494 عام 2021 إلى 447 عام 2022. ووفقًا للتقرير، سجلت إسرائيل وإيران أيضًا تدهورًا مدفوعًا بارتفاع كبير في الوفيات الإرهابية خلال العام الماضي. حيث سجلت إسرائيل 23 هجومًا و28 حالة وفاة عام 2022، بزيادة عن 18 هجوما ووفاة واحدة في عام 2021. فيما سجلت إيران 7 هجمات أسفرت عن 42 حالة وفاة خلال العام الماضي، مقارنة بـ 6 هجمات فقط أسفرت عن مقتل 3 في العام 2021. وكانت الزيادة في الوفيات مدفوعة بزيادة نشاط داعش الذي كان مسؤولًا عن 29% من الهجمات و48% من الوفيات في البلاد هذا العام.

  • أمريكا الشمالية: سجلت أمريكا الشمالية أكبر تحسن في المؤشر عام 2022، مع انخفاض درجة المنطقة بنسبة 10% خلال العام الماضي بسبب عدم تسجيل كندا لأي هجمات أو وفيات للمرة الأولى منذ عام 2013. وقد ارتفعت الوفيات بسبب الإرهاب بشكل طفيف في الولايات المتحدة، من 7 وفيات عام 2021 إلى 11 حالة وفاة عام 2022، في حين ظلت الهجمات ثابتة، مع تسجيل 8 هجمات للعام الثاني على التوالي. ووقع الهجوم الأكثر دموية في البلاد عام 2022 عندما قتل مسلح 10 مدنيين في سوبر ماركت في بوفالو بنيويورك، وذكر المسلح في بيانه أنه كان يستهدف مجتمع السود، كاشفًا عن آرائه المتعصبة للعرق الأبيض، وأعلنت السلطات أن الحادث كان هجومًا إرهابيًا محليًا بدوافع عنصرية نتيجة لذلك. وبشكل عام، ارتفع معدل الوفيات للهجمات في أمريكا الشمالية من 0.9 حالة وفاة لكل هجوم عام 2021 إلى 1.4 حالة وفاة لكل هجوم عام 2022، وهو أعلى مستوى منذ عام 2018.

  • روسيا وأوراسيا: سجلت المنطقة 6 هجمات إرهابية وحالتي وفاة عام 2022، ارتفاعًا من هجوم واحد وحالتي وفاة عام 2021. وقد انخفض عدد الأشخاص الذين قتلوا في هجمات إرهابية في المنطقة في أربع من السنوات الخمس الماضية، مع بقاء عدد الأشخاص الذين قتلوا ثابت بين عامي 2021 و2022. وانخفضت الوفيات بنسبة 99% عن 323 حالة وفاة وقعت عام 2010. ولا تزل روسيا الدولة الأكثر تضررًا من الإرهاب في المنطقة، حيث سجلت وفاتين عام 2022، وهو نفس عدد الوفيات كما في عام 2021، ويمثل انخفاضًا بنسبة 99% في الوفيات مقارنة بذروة النشاط الإرهابي في روسيا عام 2010، عندما تم تسجيل 327 هجومًا و274 حالة وفاة.
    ووفقًا للتقرير سجلت أوكرانيا أكبر تحسنًا في المنطقة خلال العام الماضي؛ حيث لم تسجل أي هجمات إرهابية أو وفيات للعام الثاني على التوالي. وبالمثل سجلت طاجيكستان ثاني أكبر تحسن في المنطقة عام 2022، مع انخفاض الهجمات إلى النصف، وانخفض عدد الوفيات بسبب الإرهاب من 10 حالات عام 2021 إلى صفر في عام 2022. وقد وقع الهجوم الوحيد في البلاد عام 2022 عندما تم إطلاق سبعة صواريخ على الأقل من مقاطعة تخار في أفغانستان عبر نهر بانج إلى مقاطعة خاتلون في طاجيكستان، وأعلن تنظيم داعش- خراسان مسؤوليته، قائلا إنه استهدف قوات الأمن الطاجيكية.

  • أمريكا الجنوبية: كان هناك تحسن عام في تأثير الإرهاب في أمريكا الجنوبية خلال العام الماضي؛ حيث انخفض إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 69%، من 97 حالة عام 2021 إلى 30 حالة عام 2022، وهو أدنى عدد سنوي للوفيات في المنطقة خلال العقد الماضي على الأقل. ومع ذلك، لا يزال المستوى الإجمالي للإرهاب أعلى بكثير مما كان عليه قبل عقد مضى، حيث زادت مستويات الإرهاب في الإكوادور وفنزويلا وتشيلي والأرجنتين عام 2022 مقارنة بعام 2012. وإجمالًا، كان هناك 1919 حالة وفاة بسبب الإرهاب في أمريكا الجنوبية منذ عام 2007.
    وكانت كولومبيا لديها أكبر تأثيرًا للإرهاب في المنطقة، وهو المركز الذي احتلته خلال العقد الماضي، وذلك على الرغم من التحسن الطفيف بين عامي 2012 و2022. وانخفاض الوفيات الناجمة عن الإرهاب من 78 حالة عام 2021 إلى 21 حالة عام 2022، مع انخفاض عدد الهجمات من 75 إلى 45 هجومًا إرهابيًا. ومن بين الوفيات التي سجلها التقرير خلال العام الماضي، نسبت 16 حالة وفاة إلى القوات المسلحة الثورية لكولومبيا (فارك)، وكان جيش التحرير الوطني (ELN) مسؤولًا عن الوفيات الخمس المتبقية.

  • جنوب آسيا: تحسّن متوسط درجات المنطقة في المؤشر لأول مرة منذ أربع سنوات، مدفوعًا بانخفاض الهجمات الإرهابية والوفيات في أفغانستان. لكن على الرغم من ذلك، لا تزال أفغانستان أكثر دول العالم تأثرًا بالإرهاب؛ حيث سجلت البلاد انخفاضًا بنسبة 58% في وفيات الإرهاب خلال العام الماضي، وعكست الهجمات هذا الاتجاه، حيث انخفضت بنسبة 75% إلى 225 هجومًا عام 2022. وكان هذا الانخفاض الكبير في الهجمات والوفيات مدفوعًا باستعادة طالبان السيطرة على أفغانستان في أعقاب سقوط كابول في أغسطس 2021.  وقد ظلت باكستان ثاني أكثر البلدان تأثرًا في المنطقة عام 2022؛ حيث شهدت البلاد زيادة في عدد الهجمات بنسبة 45% إلى 298 هجومًا، ويعكس عدد الوفيات هذا الاتجاه، حيث سجلت باكستان 643 حالة وفاة عام 2022، بزيادة قدرها 351 حالة وفاة.
    وكان تنظيم داعش- خراسان هو الجماعة الأكثر دموية في المنطقة عام 2022، مسجلًا 498 حالة وفاة. ووفقًا للمؤشر سجلت سريلانكا أكبر تحسن في النتيجة في المنطقة، حيث لم تسجل أي هجمات أو وفيات للعام الثاني على التوالي. وكانت بنجلاديش ثاني أكثر الدول تحسنًا فيما يتعلق بتأثير الإرهاب، وتليها نيبال، حيث سجل كلا البلدين هجومين ولم يسجلا أي وفيات عام 2022.

  • أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى: تدهور متوسط تأثير الإرهاب بشكل طفيف في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى عام 2022؛ إذ كانت المنطقة الوحيدة التي تدهورت على مستوى العالم؛ فمن بين 21 دولة سجلت تدهورًا في الفترة بين 2021-2022، كانت 7 منها في منطقة جنوب الصحراء الكبرى. وقد سجلت 19 دولة في إفريقيا جنوب الصحراء تحسنًا في درجاتها في المؤشر عام 2022، بينما لم تسجل 18 دولة هجومًا إرهابيًا في السنوات الخمس الماضية. وانخفضت الهجمات الإرهابية في المنطقة إلى 1332 هجوما مقارنة بـ 1445 عام 2021، بانخفاض قدره 8%. وعلى العكس من ذلك، ارتفع عدد الوفيات بنسبة 8% إلى 4023 عام 2022، مقارنة بـ 3719 عام 2021، مما يشير إلى زيادة في الهجمات الفتاكة في جميع أنحاء المنطقة.
    ووفقًا للمؤشر، شهدت بوركينا فاسو أكبر زيادة في الوفيات الناجمة عن الإرهاب، حيث ارتفعت بنسبة 50% تقريبًا مقارنة بعام 2021، مع 1135 حالة وفاة بسبب الإرهاب عام 2022، وهذا هو أعلى عدد تم تسجيله في المنطقة. كما أن بوركينا فاسو هي الدولة الوحيدة التي تجاوزت 1000 حالة وفاة عام 2022. وتعد الزيادة في النشاط الإرهابي في بوركينا فاسو جزء من زيادة أكبر في جميع أنحاء منطقة الساحل، مع حدوث طفرات مماثلة في مالي خلال السنوات القليلة الماضية. (المصدر: منى قشطة، المرصد المصري. المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية)